الميدان الرياضي : خرافة الأهداف السهلة!
التاريخ : 2017-10-14

خرافة الأهداف السهلة!

“خرافات كروية” .. سلسلة مقالات ساخرة تتحدث عن المعتقدات الخاطئة التي يؤمن بها الكثيرون، تنتشر تلك الخرافات بسرعة كبيرة، تغزو العقول، حتى تتحول إلى حقائق! وقد يتحدث هذا المقال عن حقيقة يعتقد الكاتب أنها خرافة، وفي هذه الحالة يصبح المقال.. مجرد خرافة!

“اللاعب الذي يسجل الأهداف في المرمى الخالي هو لاعب محظوظ، اللاعب الذي يتابع الكرة بعد ارتدادها من حارس المرمى أو القائم أو العارضة ثم يضعها في الشباك هو لاعب محظوظ، اللاعب الذي يسجل الأهداف من داخل منطقة الست ياردات هو لاعب محظوظ، ماذا فعل؟ لقد وضع الكرة بسهولة في المرمى الخالي، أنا أستطيع تسجيل تلك الأهداف، جدي أيضاً يستطيع تسجيلها”!

 
 إذا كنت من محبي الجدل الكروي، أو كنت من هواة قراءة التعليقات ومعرفة آراء الآخرين، فمن المؤكد أنك قرأت وسمعت التعليقات السابقة كثيراً، وربما تكون أحد قائليها!

يعتبر فيليبو إنزاجي واحداً من أشهر الهدافين في تاريخ كرة القدم، رغم أنه كان يسجل الأهداف التي يظنها الكثيرون سهلة، وأحياناً كان يسجل الأهداف دون أن يتعمد! تصطدم الكرة به وتدخل المرمى، فيحتفل بجنون! يقف أمام المرمى فتترك الكرة جميع اللاعبين وتذهب إليه، تبحث عن قدمه اليمنى أو اليسرى أو رأسه.. أو أي جزء من جسمه! يلبي الإيطالي نداء الكرة، لمسة واحدة تكفي، هدف جميل، كم أنت رائع يا إنزاجي!

هناك لاعبون يسجلون أهدافاً تبدو سهلة في أعين الكثيرين، مثل خافيير هيرنانديز وآخرين، وانضمكريستيانو رونالدو إلى قائمة اللاعبين الذين يسجلون تلك الأهداف بعدما ترك مركز الجناح وأصبح يميل إلى التواجد داخل منطقة الجزاء، يقول كارهوه: “لقد سجل هدفاً سهلاً”، يضحكون ويسخرون، رغم أنهم يريدون البكاء!

 

اللاعب الذي يسجل هدفاً في المرمى الخالي هو لاعب محظوظ، إذا سجل هذا الهدف مرة واحدة أو مرتين! لكن إذا كان يسجل تلك الأهداف كثيراً فهو لاعب ممتاز، ومدربه هو المحظوظ! لو كانت أهدافاً سهلة لسجل الآخرون كثيراً منها، لماذا لا يسجل الكثير من المهاجمين سوى أهداف قليلة، هناك أهداف سهلة، ومتاحة للجميع، فلماذا يرفضون تسجيلها؟!

22547529_10212088462318551_1537435729_n

في كل مباراة ستجد كرات ترتد من حارس المرمى أو من القائم أو العارضة ولا تجد من يتابعها، ستجد كرات تمر أمام المرمى الخالي وتحتاج إلى لاعب يبصق عليها فقط لتدخل المرمى! لكنها لا تجد، سترى تسديدات تصطدم بالمدافعين وتتهيأ داخل منطقة الجزاء، ولا تجد من يكمل الهجمة ليسجل الهدف، ستشاهد تلك اللقطات ولن تشعر أنها فرص للتسجيل، وعندما يجتهد لاعب ليتحرك ويتمركز بشكل صحيح ويحولها إلى فرص ثم إلى أهداف.. نقول: “إنه محظوظ”!

 


عندما يستعد لاعب للتسديد، ماذا يفعل زملاؤه؟! هناك من يقف ليشاهد التسديدة.. مثل الجماهير! وهناك من ينتظر فشل التسديدة ليتشاجر معه لأنه لم يمرر! وهناك من يذهب إلى التسلل! لكن هناك لاعباً يحاول زيادة احتمالات تسجيل الهدف، يتفادى مصيدة التسلل، يركض نحو المرمى متوقعاً ارتداد الكرة ليتابعها، قد لا يحدث ما يتوقعه في هذه المرة، وقد لا يحدث في العشر مرات القادمة! لكنه سيحدث بالتأكيد إذا لم يتوقف هذا اللاعب عن المحاولة.

 


في الهجمات المرتدة نشاهد لاعباً يركض بسرعة ويتحرك بشكل رائع في المساحات ليتمكن زميله من تمرير الكرة له، ونشاهد أيضاً لاعباً يركض ببطء وكأنه يركض بجانب حبيبته على شاطئ ميامي! أو يركض في الاتجاه الخاطئ فلا يستطيع زميله التمرير له، تفشل الهجمة لأن هناك لاعباً كسولاً أو لا يجيد التحرك، لكن اللاعب المجتهد الذي يتحرك بذكاء.. هو لاعب محظوظ!

 

 


تعتبر الكرات العرضية من أهم الطرق لتسجيل الأهداف، وتحتاج إلى لاعب يجيد التمرير، ولاعب يجيد التحرك والتمركز والتسجيل، نشاهد الكثير من الكرات العرضية التي تمر أمام المرمى دون أن تجد من يضعها في الشباك، نشاهد المهاجمين الذين لا يستطيعون الهروب من رقابة المدافعين، ولا يتوقعون اتجاه الكرة، ولا يتمركزون في المكان الصحيح، تمر الكثير من العرضيات دون خطورة على المرمى، ولا يتعرض المهاجم للانتقاد، لم يهدر الفرص.. لأنه لم يحصل عليها! لا يلاحظ الكثيرون أخطاء هذا المهاجم، رغم أن التمركز السيء والتحرك الخاطئ أسوأ من إهدار الفرص!

 


نشاهد أيضاً مهاجماً يجيد خداع المدافعين والهروب من الرقابة، يتوقع اتجاه سير الكرة، يجيد التحرك والتمركز ببراعة، ينتظر الكرة في المكان المناسب، قد لا تصل الكرة إلى هذا المكان في الكثير من المرات، لكنها ستصل كثيراً بالتأكيد، وسيسجل اللاعب الكثير من الأهداف.. السهلة!

في كثير من الأحيان تكون تلك الأهداف أصعب من الأهداف التي تُسجل من خارج منطقة الجزاء! وضع الكرة في المرمى الخالي شيء سهل، لكن الحصول على الكثير من الفرص أمام المرمى ليس بالشيء السهل، الهدف الذي تظنه سهلاً هو نتيجة لمحاولات كثيرة وتدريب واجتهاد وصبر والتزام وتحرك وتمركز وذكاء، وهناك مهاجمون لا يعرفون شيئاً عن تلك المفاهيم!

عدد المشاهدات : [ 1516 ]
   
الإسم
البريد الإلكتروني
نص التعليق
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط ،
ويحتفظ موقع ' الميدان الرياضي ' بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أو خروجا عن الموضوع المطروح ، علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .